"ليتني امرأة" وسؤال من يحكم الخطاب الموجه للمرأة؟
قلــم : ريما السبع
عقب عامين على صدور رواية عبد الله زايد الثانية "ليتني امرأة" بعد روايته الأولى "المنبوذ". تبقى هناك أسئلة كثيرة تبحث عن جواب حول أسباب المنع غير المبرر الذي واجهته الرواية التي لاقت رواجا في الكثير من معارض الكتب خارج السعودية وكذلك من خلال الشراء عبر شبكة الإنترنت، فهذه المتوالية القصصية التي شكلت عملا روائيا غير تقليدي تذهب في اتجاه مغاير للعنوان الذي شكل العقبة الأولى في ما واجهته من قمع ومنع إذا أنها ليست دعوة لتحويل الجنس من ذكر إلى أنثى في الفهم السطحي للبعض انطلاقا من العنوان
وإنما هي مواجهة جادة لما يعترض طريق المرأة العربية وللهجمة الذكورية المتأصلة في وجدان المجتمع السعودي ضد المرأة ليس على اعتباره حالة متفردة عربيا وإنما حالة تمثيلية تنزع نحو التطرف.
وعلى الرغم من زوال اللبس عقب الصدمة الأولى للعنوان لا تزال الحال على ما هي عليه ولا يزال المنع قائماً وكأن التراجع عن المنع اعتراف بالذنب لا يراد له أن يتم على الأقل في الظروف الحالية.
أحداث الرواية تتوالى حول رجل ضاع في الصحراء أثناء رحلة صيد، وشيئا فشيئا يبدأ بالتوجه نحو مصيره المحتوم ومع هذا التطور يبدأ باستعادة شريط من الذكريات بينما الموت يدنو منه، فيسترجع مشاهد ومواقف وسلوكيات من حياته ليكتشف مقدار التعسف الذي مارسه خلال حياته ضد المرأة فمن خلال موقعه كموظف متنفذ ساهم في تعطيل كل ما من شأنه منح حق من حقوق النساء من خلال نظرته الدونية للمرأة التي أدت إلى وأد أي جهد لتمكين المرأة من المطالبة بحقها الذي منحه لها الإسلام، هذا الرجل، استغل منصبه لأبعد مدى لينتقم من المرأة ويعطل دورها. والمصيبة كما بدا يراها أنه مارس هذا الشيء على بناته أيضاً عندما تدخل في مختلف تفاصيل حياتهن بشكل ظالم وعلى الرغم من ذلك بقين أكثر اهتماماً به وحرصا عليه من أولاده الشباب وعلى هذا تأخذه أفكاره إلى الحد الذي يتمنى معه لو أنه كان امرأة.
الأفكار التي ضربت ذهن الرجل المحتضر تترافق بقيام بناته اللاتي لم يلقين منه سوى التهميش والنبذ، بالبحث عنه، ويجدنه في الصحراء على آخر رمق بعد الاستعانة بامرأة تسكن الصحراء، بينما أبناؤه في غياب تام عنه، وأثناء محنته يكتشف أن جميع الأصوات التي كان يسمعها تهب لنجدته هي أصوات نسائية فقط.
الضياع والدنو من الموت كان السبب الرئيس في هذه الصحوة التي أصابت الرجل بعد ثلاثين عام من الظلم، وكان الكاتب يريد ان يقول أن هناك مواتا في طريقه إلينا وإلى مجتمعاتنا إذا ما واصلنا انتهاكنا وتهميشنا لحال المرأة وهنا لابد من صرخة ضد حالة الإقصاء والظلم والتهميش التي تعيشها المرأة في مجتمعاتنا سواء أكانت طفلة أم زوجة أم أماً.
العمل يدعو إلى إعادة التفكير في كل المسلمات التي نشأت عليها مجتمعاتنا وهو دعوة لإعادة قراءة النص الديني بما يلائم اليوم من أجل إنصاف المرأة وإعادة الاعتبار لإنسانيتها المفقودة في وجه من يحكم الخطاب التقليدي الموجه لها، وما يمارس عليها من تمييز واضطهاد باسم الدين حتى تتمكن من الخروج من غربتها النفسية مع ذاتها وأسرتها ومجتمعها.