في أمسية ضمت نخبة من الكتاب والمؤلفين والأطباء ورجال الأعمال، تميزت بالتنوع المهني وأيضا الشعبوي؛ أقصد تعدد الجنسيات، وبطبيعة الحال، كانت ملفات عالمنا العربي حاضرة، فمرة يجري الحديث عن السياسة، ومرة عن التعليم وأخرى يتم تناول الرعاية الصحية والاجتماعية.
لكن هناك ملاحظات عدة أجدها جديرة بالتوقف، وقد استرعت الانتباه على الأقل عندي، منها جهل أشقائنا العرب بالتقدم الذي بلغته تحديدا كل من السعودية والإمارات، ولا أعلم إن كانت عدم معرفة أو تجاهلا متعمدا، بمعنى التغافل عن كل المنجزات التي تمت وكأن لا وجود لها، وكما يقال إن كنت تعلم فمصيبة، وإن لم تكن تعلم فالمصيبة أعظم.
وهناك ملاحظة أخرى تتعلق بمفهوم الأمن العربي، حيث تصاب بالدهشة عندما تسمع أحدهم يتحدث عن الأمن العربي، بينما هو يوافق ويؤيد الاحتلال الإيراني أو التركي لأراضيه ولا يجد فيه ضيرا أو جريرة، وهنا ينطبق القول الشهير «شر البلية ما يضحك».
هذه الحالة من الانفصام تجعلنا نعود إلى الوراء لعقد من الزمان أو لعقدين، عندها لن تجد كل هذه الجرأة والسطوة الإيرانية التركية على الأراضي العربية، لن تجد تركيا تسرح وتمرح في أراضي العراق وسوريا وقطر، ولما سمعنا إيران تعلن سيطرتها على أربع عواصم عربية، هذه الهجمة الإيرانية التركية لم تكن لتتم لو أن مثل هذه النخب كانت صادقة مع نفسها وتملك مبادئ حقيقية، لو أنهم تركوا الاسترزاق وتخلوا عن الأطماع والطعن في الظهر.
الهجوم التركي الإيراني على العرب، لم يكن ليتم لو لم يكن في عالمنا العربي من أستقطبهم ومهد الطريق وزاد أطماعهم، والمشكلة أن الأوطان التي كانت تحاربنا بسبب تمجيدها لشعارات الوحدة والقومية العربية، هي التي وقعت في براثن الفرس والعجم. هذه الأوطان هي التي فتحت الباب على مصراعيه للقوات الإيرانية والتركية لتحتل أراض عربية.
انظروا لقادة الخونة في عالمنا العربي من حسن نصر الله الذي تسلق القضية الفلسطينية واستغلها وجعلها مثل ثارات أسلافه، وصولا إلى الجاهل عبدالملك الحوثي، الغارق في وحل السطحية، وننتهي بكل الويلات التي جلبها تنظيم الإخوان الإرهابي الذي من أدبياته التحالف حتى مع الشيطان في سبيل حكم رقاب الناس، والذي يستند لإرث من الفتاوى التي تجيز التفجير والقتل وترهيب الناس.
هذا هو واقع عالمنا العربي دون مواربة، ولكن المؤسف أن تجد بعض الأصوات التي تتمتع بالعلم والمعرفة، ورغم هذا يعميها الحسد والحقد فيلوث القلب والضمير، ويجعلهم في سكرة عما تعانيه أوطانهم، ولا يجدون العلاج إلا بأن نقود بلادنا ومقدراتنا نحو الهاوية والارتماء في حضن المحتل.
هذه هي النخبة العربية، أو بدقة أكبر عينة مصغرة جدا عن سواد أعظم في عالمنا العربي لا وظيفة لهم إلا الكذب والتزوير، والذي لا يصدق فليتصفح مواقع التواصل الاجتماعي.
Comments