top of page
عندما نستعيد أحداثا وقعت في حقب زمنية ماضية، خاصة تلك التي مست العلماء والمخترعين والمبتكرين، نجد بين طياتها كثيرا من العبر والحكم، وكثيرا أيضا من المبادئ التي ترسخت وثبت عليها هؤلاء في سبيل إيصال رسالتهم، ولكن في اللحظة نفسها نستشف ونكتشف منها حقيقة تستحق التوقف عندها، وهي المسؤولية الكبيرة التي تقع علينا، خاصة ونحن نعيش هذا العصر الذي يتوهج بالتقنية والابتكار والتطور.
في هذا الزمن الذي باتت المعلومة فيه مشاعة وسهلة التنقل دون أي مشاكل أو عقبات، بينما في عصور ماضية كانت المهمة أكثر مشقة وقسوة، حيث الجهل وعدم المعرفة يحاصر العلماء والمفكرين، وهو ما يعني حتمية مراعاة هذا الجهل الطاغي في المجتمع بعدم استفزازه بالكشوف والمخترعات الجديدة.
قبل أيام كنت أقرأ قصة عن العالم الدكتور وليام هارفي الذي كرس وقته لدراسة وظيفة القلب وطبيعة عمله في جسد الإنسان وتوصل عام 1625م إلى أن القلب يملك وظيفة عضلية يضخ من خلالها الدم إلى الرئتين والشرايين، وقد تردد في نشر هذه النتائج العلمية بسبب خوفه من الكنيسة والناس، لأن هذه الحقائق العلمية تتعارض مع ما كان سائدا في ذلك الزمن من أن القلب مكان للروح والحب والضمير، ومن المؤكد أن هذا الإعلان سيتسبب بثورة عامة ضده.
لذا توجه نحو دار نشر ألمانية مغمورة ونشر ملخصا من 72 صفحة فقط باللغة اللاتينية من أبحاثه التي وضعها في كتابه الذي انتهى منه، وهو بهذا يحاول تجنب القراء من اللغة الإنجليزية وفي الوقت نفسه يحافظ على سبقه العلمي، إلا أن الذي حدث أنه وبمجرد نشر هذا الملخص من الكتاب انتشر في جميع أوروبا، وغني عن القول إنه حدثت صدمة في المجتمع، مما سبب سحب شهادته الطبية والعلمية مباشرة، وبعد مرور 25 عاما، في 1650م اعتمد كتابه كمرجع علمي في المجال الطبي وأعيد الاعتبار له.
bottom of page
Comments